لقد مت البارحة في الحلم،حين فشلت محاولتي العاشرة في الاستيقاظ ،ظللت أردد بهذيان تطهري مقتطفات طويلة من فرويد،ونيتشه،وأغاني شعبية ،وسببت الدين للملاك الذي حاول انتزاع روحي ،وحين أتيت امدادات له ،استغربت أن الله يعاملني كمتمرد مسلح،حينها حاولت لآخر مرة أن أستيقظ،لكني حين صحوت،كانت الساعة تشير لساعتين في نفس الوقت،وكان الجو ليلا،رغم أني نمت السادسة صباحا،وحين أدركت ذلك،بدأت الشمس في الظهور،بسرعة ،مكتشفة بعد فوات الأوان ،أنها قد أفسدت المسرحية،حينها كنت استلسمت للفجوة الزمنية التي سقطت فيها،عندما فتحت عيني ببساطة ،لأضيف إلى معايير التفريق بين الحلم والحقيقة ،أن الحلم مشبع بأجواء تآمرية
..
مددت يدي ل”مئة عام من العزلة”،والتي منها جائتني في الحلم،فكرة أن الله يعاملني كمتمرد مسلح ،كنت على وشك انهائها ،مع علمي بأنه ليس لدي ما أقرؤه اليوم لو أنهيتها ،ولن أفتح بطبيعة الحال أي مذكرات دراسية ،حاولت التأني في الكلمات ،للتأخير في انهاء الرواية ،قبل ورقتين من النهاية ،دخل جنديان مسلحان مقنعان لغرفتي ،ولم أعرف ما ينبغي فعله أحدهما خلع القناع بسرعة ،كانت هي ،ورغم أنني لم أرها ،إلا أن المقنع الآخرأكد لي ذلك ،لكني أدركت من ملابسه ،أنه أنا ،عندها حاولت الاستيقاظ ،إلا أنني تذكرت محاولاتي العشرة في الصباح،والتي أرهقتني كثيرا،وتذكرت أنني صحوت بالفعل ،وأنني في الأغلب أحلم في يوم آخر
كنت عندما صعدت للميكروباص،جلست أماما بجوار السائق،وفتاة في الصف الثالث الثانوي ،راجعة لبلدتها ،بعد درس الانجليزي في قريتي،كنت أعلم ذلك بتكرار رؤيتها ،فكرت عبثا عندما ركبت بجوارها ،أن أقول لها أنني أحبها،لأرى ردة فعلها ،إلا أنني تراجعت بسرعة ،عندما اكتشفت مواهبها التنقيبية طوال الطريق،وجهدها البحثي الدؤوب،في العثور على الكنز ،الذي خبأه في الأغلب جدها الفرعوني الأكبر في أنفها ،والذي كلما عثرت على جزء كانت ترفع اصبعها أمامها منتشية ،لترى حجم الكنز ،ثم تعيده مرة ثانية لأنفها في الفتحة الأخرى ،لكي تظل الفتحة الأولى ،مكان التنقيب الأساسي،والسائق الذي كنت أعرف من تجاربي معه ،أنه له روحا بحثية أكاديمية ،قرر الاندفاع وراء التجربة ،لعل جده الأكبر،قد ترك له هو الآخر كنزا في أنفه
قيدني الجنديان،الذين أصبحوا كتيبة كاملة ،ووجدت نفسي،أمام قدر كبير جدا ملئ بماء مغلي ،عندها أدركت أيضا ،أن هذا حلم ،وحاولت تذكر من أين استدعيت هذا القدر ،أثناء سؤالي للجنود أين نحن بالضبط،هجم علينا جيش بدائي،يلوح بسيوف وخناجر ،انضممت للكتيبة التي اختطفتني ،لكني لم أطلق شيئا ،عندها كنا في مكان مغلق مصمت ،لا نافذة له ولا باب ،أتيت فتاة الثانوي من السقف،لتقول لنا سلام ،علمت حينها أنها متواطئة مع البدائيين ،لكني لم أهتم ،لاننا خرجنا بسرعة إلى صحراء ،لم يكن فيها إلا أنا والجنديان المقنعان ،ورجلان آخران ،يتنازعان ،حول من يعبر بجمله قبل الآخر ،بينما يتهم أحدهم الآخر،أن جمله نطح جمله ،وأصاب قدم جمله
كنت حينها رجعت أتلو أمام الجنديين فقرات مطولة من ماركيز الذي أنهيت روايته صباحا ،وأنا أعلم أن عدم وجود كتاب آخر،سيدخلني في دوامة كآبة ،لأن مقاومتي الهشة التي أستنفدها في التوحد مع الكتب ،ستنهزم بسرعة أمام الحنين ،حاولت معاودة النوم مرى أخرى دون جدوى ،حاولت المذاكرة ،قبل أن أحاول أن أشتت ذهني بمحاولة تذكر آخر خمسين كتابا قرأتهم ،أحسست بعصارة في صدري ، افرازات خلايا الهزيمة الكامنة ،غيرت ملابسي بسرعة ،لأن عندي امتحانا في الكلية ،أخذت معي ثلاث مذكرات ،على أن أقرأهم في الطريق،نسيت القلم ،ذهبت لمحل اشتري واحدا قالت لي البائعة بازدراء غريب”مافيش “،زادت إحساسي بالهزيمة ،توقفت قدماي للحظة،خفت أن أصاب بالشلل في وسط الشارع،كنت أعرف أن أعصابي لا تحتمل أي هزيمة جديدة،صعدت للمكيروباص،
صاح الجنديان ،توقف ،توقف ،توقف الرجلان فعلا عن العراك،ولكن الجملين نطحا بعضهما ،مرى أخرى
..
فتحت عيناي ،مرى أخرى ،لأدرك بسهولة أنني استيقظت ،كان سائق الميكروباص ،خرج ليتشاجر مع صاحب عالعربية الملاكي ،الذي اصطدم به ،فيما كانت الفتاة الباحثة عن الكنز،وكل ركاب المكروباص،قد نزلوا في الطريق ،وبقيت وحدي نائما ،قبل أن تحدث المصادمة قرب الموقف،السائق الذي انهال في البدء بالشتائم على الرجل،اكتسب مقدرة حوار عقلانية ،عندما فتح هذا الآخر مطوته ،مدفوعا بخوفه من أن تنهز صورته أمام ابنه الجالس بجواره،للحظة ترددت ،هل المفترض أن أظل موجودا ،في ظل أن رجل شرطة كان قد جاء،لفض النزاع،وفي الأغلب سيذهبوا لقسم الشرطة ،وهذا سيضيع امتحاني ،تركت السائق والنزاع ورجل الشرطة ،وعندي احساس أنني قد خذلته ،لكن هدأ من شعور الذنب الغبي هذا ،أنني لم أكن شاهدت شيئا بالفعل